فی حكمة مشرقیة .

اعلم أنّ الحركة لمّا كانت متحركیة الشی ء لأنها نفس التجدد و الانقضاء فیجب أن یكون علته القریبة أمراً غیرثابت الذات و إلاّلم ینعدم أجزاء الحركة، فلم تكن الحركة حركة و التجدد تجدداً بل سكوناً و قراراً؛ فالفاعل المزوال [1]لها أمر تكون الحركة لازمة له فی الوجود بالذات [2]، و كل ما كانت الحركة من لوازم وجوده فله ماهیة غیر الحركة لكنّ الحركة لا تنفك عنه وجوداً، و كل ما یكون من لوازم وجود الشی ء.

الخارجی فلم یتخلل الجعل بینه و بین ذلك اللازم [3]بحسب نحو وجوده الخارجی فیكون وجود الحركة من العوارض التحلیلیة لوجود فاعلها القریب [4]؛ فالفاعل القریب للحركة لابدّ أن یكون ثابت الماهیة متجدد الوجود. و ستعلم أنّ العلة القریبة فی كلّ نوع من الحركة لیست إلاّالطبیعة [5]، و هی جوهر یتقوّم به الجسم و یتحصّل به نوعاً [6]و.

هی كمال أول لجسم طبیعی من حیث هو بالفعل موجود. فقد ثبت و تحقق من هذا أنّ كل جسم أمر متجدد الوجود سیّال الهویة و إن كان ثابت الماهیة [7]، و بهذا یفترق عن الحركة لأنّ معناها نفس التجدد و الانقضاء، و بهذا ثبت حدوث العالم الجسمانی و جمیع الجواهر الجسمانیة و سائر أعراضها [8]فلكیة كانت أو عنصریة [9]. فما ذكر فی.

الفصل السابق من أنّ موضوع الحركة لابدّ و أن یكون أمراً ثابت الذات صحیح إذا عنی بموضوع الحركة موضوعها بحسب الماهیة [10]لأنّ موضوع التجدد یكون التجدد عارضاً له، فهو بحسب ذاته و ماهیته غیرمتجدد، أو عنی به موضوع الحركات الغیر اللازمة فی الوجود [11]كالنقلة و الاستحالة و النمو.

و ما ذكر أیضاً فیه من أنّ موضوع الحركة مركب من ما بالقوة و ما بالفعل قول مجمل یحتاج إلی تفصیل، و هو أنّ الموضوعیة و العروض إن كانا فی الوجود [12]كما فی الحركات العارضة للجسم فحقٌّ أنّ موضوعها مركب فی الخارج من أمر به یكون بالفعل موجوداً ثابتاً مستمراً فی كلّ زمان الحركة و من أمر یكون بالقوة متحركاً، لأنّ كلّ جزء من الحركة یوجد فیه بعد ما لم یكن و یزول عنه و هو هو بحاله و إن كان العروض بحسب التحلیل العقلی [13]كما فی اللوازم؛ فالقابل و الفاعل هناك أمر واحد [14]، و القوة و الفعلیّة [15]جهة واحدة أی ما بالقوة عین مابالفعل، كلّ منهما متضمن للآخر، و كما أنّ ثبات الحركة عین تجددها و قوتها علی الشی ء عین فعلیة القوة علی ذلك.

الشی ء فكذلك حكم ثبات مابه الحركة و هی الطبیعة الكائنة فی الاجسام فإنه عین تجددها الذاتی [16].

و تحقیق هذا المقام أنه لمّا كانت حقیقة الهیولی هی القوة و الاستعداد كما علمت و حقیقة الصورة الطبیعیة لها الحدوث التجددی كما سینكشف لك زیادة الانكشاف فللهیولی فی كلّ آن صورة اخری بالاستعداد، و لكلّ صورة هیولی اخری یلزمها بالإیجاب [17]لما علمت أنّ الفعل مقدم علی القوة، و تلك الهیولی أیضاً مستعدة لصورة اخری غیر الصورة الّتی توجبها لا بالاستعداد و هكذا لتقدم الصورة علی المادة ذاتاً و تأخر هویتها الشخصیة عنها زماناً [18]؛ فلكل منهما تجدد و دوام بالاخری لا علی وجه الدور المستحیل كما [19]یستبین علیك كیفیته فی مباحث التلازم بینهما، و لتشابه الصور فی الجسم البسیط ظُنّ فیه صورة واحدة مستمرة لا علی وجه التجدد [20]و.

لیست كذلك بل هی واحد بالحدّ و المعنی لا بالعدد الشخصی [21]لأنها متجددة متعاقبة فی كل آن علی نعت الاتصال [22]لا بأن یكون امور متباینة متفاصلة لیلزم ما یلزم علی أصحاب الجزء [23].

---