فصل 1
فی ما منه الحركة و ما إلیه الحركة و وقوع التضاد بینهما
الذی منه الحركة و الذی إلیه فی الكیف و الكم یتضادان أو یكونان كالمتضادین. أمّا فی
الكیف فكالحركة من السواد إلی البیاض و هما متضادان بالحقیقة، و كالحركة من
الصفرة إلی النیلیة و هما كالمتضادین لكون أحدهما أقرب إلی البیاض و الآخر إلی
السواد. و أمّا فی الكم فمثل الحركة من الأكثر حجماً فی طبیعته إلی الأقل حجما فیها و هما
الطرفان، و كالحركة من الذبول إلی النموّ الذین لیسا فی الغایة و هما بین المتضادین. و أمّا
فی الأین فالأیون و إن كانت فی ذاتها متشابهة إلّاأنّها بحسب الجهات یقع فیها التضاد.
فالحركات الطبیعیة فی الأین إن وقعت من الطرف الأقصی إلی الطرف الأدنی كانت من
الضد إلی الضد إذ لا جهة طبیعیّة إلّاهاتین، و إن وقعت فی البین فطرفاها كالمتضادین. و
أمّا التی لاتكون بالطبع فطرفاها لایخلوان عن التضاد بوجهین: أحدهما أنّ الأیون
كأجزاء المقادیر لایمكن اجتماعها فی حدّ واحد. و ثانیهما مبدئیة المبدأ و منتهویة المنتهی
وصفان متضادان كما ستعرف، فحینئذ یصیر الطرفان متضادین بالعرض. و أمّا
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 912
الحركات المستدیرة فلیس المبدأ و المنتهی فیها كما توهمه بعض أنّه نقطة، بل جوهر
الحركة ممّا یستدعی كل قطعة منها مبدأ و منتهی لایجتمعان. ففی الوضعیة كلُّ وضع من
أوضاع الجسم المتحرك یصح أن یفرض مبدأ و منتهی باعتبار عدم اجتماع زمانیهما.
فعلم أن الذی یعرض له المبدئیة أو المنتهائیة قدیكون وجوده بالقوة و قد یكون
وجوده بالفعل، و كذا مبدئیته و منتهائیته، و لكلّ منهما قیاس إلی الحركة و قیاس إلی
الآخر. فقیاس كلّ منهما إلی الحركة قیاس التضایف إذ المبدأ مبدأ لذی المبدأ، و أمّا قیاس
كلّ منهما الی الآخر فلیس بتضایف، إذ لیس اذا عقل المبدأ عقل المنتهی، و من الجائز
وجود حركة لا بدایة لها أو لا نهایة لها كحركات أهل الجنة و إذ هما وجودیان فلیس
تقابلهما بالسلب و الایجاب و لا بالعدم و الملكة، فلم یبق إلّاالتضاد.
فإن قلت: فكیف یجتمعان فی جسم واحد و الأضداد من حقها عدم الاجتماع؟
قلنا: الأضداد یجوز اجتماعها فی موضوع بعید لها، و الموضوع القریب للمبدئیة و
المنتهائیة لیس الجسم بل أطرافه و حالاته.
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 913