المتخالفة الإنحداب تضاد بعضها لبعض لأجل هذا الاختلاف
و ذلك لأنّ الأختلاف فی الاستقامة و الاستدارة لیس اختلافاً فی أمرین یتواردان علی
موضوع واحد، بل موضوع الاستقامة كالخط یمتنع أن یستحیل من استقامته إلی
الاستدارة إلّالفساده. فالاستقامة و الاستدارة لیستا بضدین فكیف الحركة المستقیمة
و المستدیرة. و كذا حكم مراتب الاستدارات بعضها لبعض لأنها لاتتعاقب علی
موضوع واحد. علی أنك قد علمت أن لیس تضاد الحركة لتضاد ما فیه الحركة
ولوكانت مضادة المستدیرة لغیرها بسبب الطرفین أمكن أن یكون لمستدیرات و قسیّ
لانهایة بالقوة وتر معین من خط مستقیم واحد، فیلزم أن یكون لكلِّ حركة فیها أضداد
لانهایة لها بالإمكان، لكن ضدّ الواحد واحد بالفعل أو بالقوة و هو الذی فی غایة البعد
عنه. علی أنّ تلك القسیّ تتخالف بالنوع لا بالشخص. نعم لا مانع من أن یقع فی امور
لاتضاد لها بالذات تضاد من جهة اُخری و فی معان آخر، كما أنّ التوسط فی الأخلاق
مضاد للنقص و الافراط كلیهما، و النقص و الافراط متضادان تضاداً ذاتیاً، و تضادهما
للوسط تضاد بالعرض لأجل معنی آخر و هی الرذیلة فیهما و الفضیلة فی الوسط،
فالرذیلة معنی یلزمهما و ضدها و هی الفضیلة یلزم الوسط فهذا الوسط وسط باعتبار و
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 938
طرف باعتبار آخر، و ذانك الطرفان طرفان باعتبار و هما فی طرف واحد باعتبار آخر.
قالوا لا تضاد بین الحركات المستدیرة و إن اختلفت بالشرقیة و الغربیة لعدم اختلافها
فی النهایات، و كل حركتین متضادتین فلابدّ أن یختلفا فی النهایات و هاهنا لیست
كذلك، و فیه موضع تأمل.
ثم إنك قد عرفت كیف یتضاد المستقیمات و عرفت أنّ الصاعدة و الهابطة تتضادان
بما هما حركتان مستقیمتان، و لهما أیضاً تضاد آخر خارج عن الحركة و هو كون أحد
الطرفین علواً و الآخر سفلاً فالحركة ذات الضد هی التی تأخذ أقرب مسافة من طرف
بالفعل إلی طرف بالفعل، و ضدها هی التی یبتدأ من منتهاها ذاهبة إلی مبدأها لا إلی
شی ء آخر. فلیست الحركة علی التوالی للبروج ضداً للحركة علی خلاف التوالی، و لا
الحركة علی أحد نصفی الدائرة ضدّاً للواقعة علی النصف الآخر لأنّ الدائرة لا یتعین فیها
قوس عن قوس و مع ذلك التوجه إلی كل حد عین التوجه منه، و المطلوب فیها لكل
حد عین المهروب عنه.
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 939