كلُّ حالةطبیعیة یمكن زوالها بالقسر أو كونها فی وقت للطبیعة بالقوة و فی وقت بالفعل.
فیمكن للطبیعة الحركة إلیها فعند زوال القاسر یعود الطبیعة إلی حالها و كذا عند
خروجها من القوّة إلی الفعل یحصل لها كمالاتها. لكن فی الحركة الأینیّة إشكال و هو أنّ
الأثقال بعد صعودها إذا عادت إلی الأسفل فهل هی طالبة لنفس المركز؟ و كذا الخفاف
هل هی طالبة لسطح الفلك؟ فذلك ممتنع؛ لأنّ الأرض لایمكن لها بكلیتها نیل المركز، و
كذا النار لایمكن إلّالسطحها مماسة مقعّر الفلك، و المطلوب الطبیعی لایجوز أن یكون
أمراً ممتنعاً، و لأنّ الماء النازل لو طلب عین المركز لما طفا، و كذا الهواء لو طلب المحیط
لم یتسفل عن النار.
و لایقال: «إنّ الخفیفین طالبان للمحیط لكن النار أغلب و أسبق» ، لأنه یستلزم أنّا
إذا وضعنا أیدینا علی الهواء أحسسنا باندفاعه إلی فوق كما إذا حبسناه فی إناء تحت الماء،
و لایجوز أیضاً أن یكون مطلوب كل منهما المكان مطلقاً و هو ظاهر، و لا بعضاً من
المطلق إذ لا اختلاف فی نفس الأمكنة، و لایجوز أیضاً أن یكون المطلوب القرب من
الكلیة و إلّالكان الحجر المرسل من رأس البئر وجب أن یلتصق بشفیره.
فنقول: لما بطلت هذه الاحتمالات فالحق أن یقال: إنّ مطلوب الطبیعة هو الحیّز لا
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 948
مطلقاً، بل مع شرط الترتیب. فإنّ الملائم للماء إن یكون حیّزه فوق الأرض و تحت الهواء
لمناسبة البرودة و الاقتصاد فی القوام للأرض و مناسبة الرطوبة و المیعان للهواء، و هكذا
قیاس أحیاز البواقی و لو لم یكن أحیازها الطبیعیة علی هذا الترتیب لفسدت بمجاورة
الأضداد؛ فإنّ الجهات أنفسها غیر مطلوبة إلّابحصول هذا المعنی فیها، فالقصد متوجه
إلی طلب هذه الغایة الهرب عن مقابلاتها. و الدلیل علی ما ذكرناه أنّ المكان قد یكون
طبیعیاً و الترتیب غیر طبیعی كالهواء المحصور فی آجرة مرفوقة فی الهواء حیث إنها
تنشف الماء من تحتها لشدة هرب الهواء من محیط غریب فینوب الماء عنه متصعداً فی
مسامّ الآجرة لضرورة عدم الخلاء.
فإن قیل: هل الحركة بسبب الهرب عن غیر الطبیعی أو الطلب للطبیعی.
قلنا: یمكن القول بالجمع إذ لا معاندة بینهما و لا یجوز الهرب فقط و إلّالوقعت
الحركة إلی أیّ جهة اتفقت، إذ لا اُولویة حینئذ و ذلك باطل قطعاً.
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 949