أما الجسم الإبداعی فلا یمكن فیه بعد الحركة الذاتیة إلّامبدأ المستدیرة الوضعیة و
الكیفیة النفسانیة إذ یستحیل فیها الأینیة و الكمیة كالنمو و الذبول و التخلخل و
التكاثف و سائر الاستحالات كالتسخن و التبرد و التلوّن و التطعّم و التروح و غیرها،
لبرائته عن هذه الكیفیات كما ستعلم؛ فلا یكون مبدأ هذه الاُمور فیه و إلّالزم التعطیل
فی الطبیعة و هو محال. و أما الأجسام الكائنة سیما المركبات فیمكن فیها اجتماع بعض
هذه مع بعض و الحركات فیها، فیجوز أن یوجد فی واحد منها مبدأ الحركات المختلفة
لكنه لایجوز أن یجتمع مبدأ حركة مستقیمة و مبدأ حركة مستدیرة فی جسم واحد و إلّا
لكان إذا خرج عن مكانه و فی طبعه مبدأهما متحركاً علی الاستقامة إلی المطلوب و
منصرفاً بالاستدارة عنه أیضاً بالطبع و هو محال. اللّهم إلّاأن یقال: المیل المستدیر إنما
یحدث له عند كونه فی مكانه الطبیعی لكنه لم یكن حینئذ غریزیاً، و لایمكن أیضاً إسناد
الاستدارة إلی النفس إذ النفس عندنا لاتتصرف إلّابتوسط الطبیعة، و لأنه قد ثبت إنّ
التحریك الخارجی مما لایقبله الجسم إلّاو له بحسب طبعه میل ذاتی له.
لا یقال: ألیس أنّ الطبیعة تقتضی الحركة إذا كان الجسم فی غیر حیّزه و السكون
إذا كان فیه فكذلك یجوز أن یقتضی المیل المستقیم فی جسم إذا لم یكن فی حیّزه و
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 950
المستدیر إذا كان فیه.
لأنا نقول: اقتضاء الطبیعة هناك لشی ء واحد و هو السكون فیه لكنه قد یتوقف
علی الحركة، و بالجملة إفادة السكون فیه یتوقف علی الحصول فیه و لایتوقف
علی المیل المستدیر، لأنّ أجزاء المكان متشابهة.
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 951