و اعلم أنَّ اثبات مطلق التشكیك فی معنی التقدم و التأخر بالقیاس إلی أقسامهما مطلقا
أمر ضروری معلوم. و أما أنَّ ذلك یوجد فی كل قسم بالقیاس إلی كل قسم سواءٌ
فلایخلو اثباته من صعوبة، و لهذا لم یتعرضوا له و لیس أیضاً من المهمّات كثیراً. و الذی
ذكروا هو أنَّ التقدم بالعلیة قبل التقدم بالطبع و التقدم بالطبع قبل أصناف التقدمات
الاُخری ثم المتقدم بالزمان و بعده بالمكان.
و قال بهمنیار فی التحصیل: جمیع أصناف التقدم خلا ما یختص بالطبع و العلیة
لیس بتقدم حقیقی، إذا التقدم بالزمان أمر فی الوهم و الفرض كما عرفته، و أما التقدم
الحقیقی فهو ما یكون النقدم ذاتیاً و ذلك فیما یكون بالطبع أو بالذات انتهی.
و لیس معنی هذا القول أنَّ هذا التقدم لیس قسماً مخالفاً لما بالطبع كما ظنه صاحب
المطارحات، بل معناه أنَّ الزمان أمر واحد فی الخارج لیس له أجزاء إلّابحسب القسمة
الوهمیة. و ما لا ینقسم لایكون لأجزائه تقدم و تأخر. فالتقدم فیه لیس بحقیقی بمعنی أنه
لیس بموجود فی الخارج، لا أنه لیس قسماً آخر من التقدم. و هكذا الحال فی كون تقدم
أجزاء الزمان بعضها علی بعض بالطبع، فإنه أیضاً غیر متحقّق إلّافی الوهم.
و الحق أنَّ التفاوت بین الأجزاء الزمانیة للهویة المتجددة المتقضیة أمر خارجی مع
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 992
قطع النظر عن وهم متوهم و فرض فارض بمعنی أنَّ ما فی الخارج بحیث للعقل أن یحكم
بالتقدم و التأخر بین أجزائها المقداریة الموجودة لا بالفعل بوصف الجزئیة بل بالقوة
القریبة منه، كما فی سائر الاتصافات التی تكون فی الذهن بحسب الخارج كزوجیة
الأربعة و فوقیة السماء. و هذا لاینافی أیضاً كون الأجزاء متشابهة الحقیقة لأنَّ ما
به التشابه و التماثل فیها عین مابه التفاوت و التباین كما فی أصل الوجود.
و بهذا یندفع ما قیل إنَّ التقدم و التأخر متضایفان، و المتضایفان یجب أن یحصلا
معاً فی الوجود فكیف یتحقق هذا التقدم و التأخر بین أجزاء الزمان.
و ذلك لأنا نقول: هذا النحو من الهویة المتجددة یوجد المتقدم منه و المتأخر معاً فی
هذا الوجود لاتصاله، فیكون جمعیته عین الافتراق و تقدمه عین الحضور و ذلك
لضعف هذا الوجود و نقص وحدته.
مجموعه آثار شهید مطهری . ج12، ص: 993